زاوية المستثمر

البيتكوين في السعودية

البيتكوين في السعودية:

بين التحذيرات النظامية ومتطلبات الامتثال المالي

 موقف الأنظمة السعودية مثل مكافحة غسل الأموال ونظام البنك المركزي وهيئة السوق المالية

أصبح البيتكوين والعملات المشفرة من أبرز القضايا المالية المثيرة للجدل عالميًا. ورغم أن بعض الدول شرعت في تنظيمها أو الاعتراف بها كوسيلة دفع، فإن المملكة العربية السعودية تبنت نهجًا حذرًا، يقوم على التحذير والتنبيه للمخاطر. ويرتبط هذا الموقف بعدة أنظمة سعودية، أبرزها: نظام البنك المركزي السعودي، نظام مكافحة غسل الأموال، نظام السوق المالية، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

أولًا: موقف الجهات السعودية من البيتكوين

  1. البنك المركزي السعودي (ساما):

    • أكد أن البيتكوين والعملات المشفرة ليست عملة قانونية في المملكة.

    • شدد على أن النقد في السعودية هو الريال السعودي فقط، بموجب المادة (3) من نظام البنك المركزي السعودي لعام 1442هـ التي تنص على:

      "الريال هو وحدة النقد في المملكة، ويصدر البنك المركزي النقد من جميع الفئات".

  2. هيئة السوق المالية:

    • أوضحت أن أي أدوات استثمارية يجب أن تكون خاضعة لتنظيمها.

    • وبما أن البيتكوين لا يدخل ضمن الأوراق المالية المعتمدة بموجب المادة (2) من نظام السوق المالية لعام 1424هـ، فإنه غير مشمول بالحماية النظامية.

  3. اللجنة الدائمة للتوعية من التعامل بالعملات الرقمية (المكونة من عدة جهات):

    • أصدرت أكثر من بيان تحذيري منذ 2018.

    • أكدت أن التعامل بهذه العملات يحمل مخاطر عالية، منها النصب، والاحتيال، وغسل الأموال.


ثانيًا: الارتباط المباشر بالأنظمة السعودية

1- نظام مكافحة غسل الأموال (1439هـ)

  • تنص المادة (2) على أن غسل الأموال هو:

    "ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه بقصد إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافًا لأحكام الشريعة أو النظام".

  • العملات المشفرة مثل البيتكوين قد تُستخدم في عمليات تحويل مشبوهة، ما يضع المتعاملين تحت طائلة المسؤولية.

2- نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية (1428هـ)

  • تنص المادة (2) على:

    "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليوني ريال كل من ارتكب جريمة معلوماتية تهدف إلى الاستيلاء على مال منقول".

  • في حال استخدام البيتكوين في عمليات نصب أو اختراق، يمكن تطبيق هذه المادة.

3- نظام السوق المالية (1424هـ)

  • يحدد النظام ما يُعتبر ورقة مالية، مثل الأسهم والصكوك والسندات.

  • بما أن البيتكوين لا يندرج تحت هذه الأدوات، فهو خارج نطاق التنظيم النظامي، ما يعني عدم وجود حماية للمستثمرين.

4- نظام البنك المركزي السعودي (1442هـ)

  • تنص المادة (25) على أن البنك المركزي هو الجهة المخولة حصريًا بتنظيم وسائل الدفع.

  • وهذا يُعني أن أي عملة أو وسيلة دفع غير مرخصة من البنك المركزي تعتبر غير قانونية في السعودية.


ثالثًا: المخاطر النظامية للمستثمرين

  • غياب الحماية القانونية: لا يحق للمتضرر من خسارة أو نصب في البيتكوين المطالبة باسترداد حقوقه عبر الأنظمة المحلية.

  • إمكانية الملاحقة: قد يُعتبر التعامل بالبيتكوين مخالفة لأنظمة غسل الأموال أو الجرائم المعلوماتية.

  • صعوبة الإثبات: نظرًا للطبيعة المجهولة للتعاملات المشفرة، يصعب إثبات الملكية أو حصر الأدلة أمام المحاكم.


رابعًا: البدائل القانونية المتاحة في السعودية

  • المحافظ الرقمية المرخصة: مثل Apple Pay و STC Pay بإشراف البنك المركزي.

  • الأوراق المالية: التداول في السوق المالية السعودية (تداول) وفق تنظيم هيئة السوق المالية.

  • الريال الرقمي: مبادرة يدرسها البنك المركزي السعودي كعملة رقمية رسمية مدعومة من الدولة.


خامسًا: الانعكاسات الدولية على السعودية

  • اليابان والاتحاد الأوروبي: سمحت باستخدام البيتكوين ضمن ضوابط.

  • الصين: حظرت البيتكوين تمامًا.

  • السعودية: تميل إلى سياسة الحذر، لكن مع الاهتمام المتزايد بالتقنيات المالية (FinTech)، قد تشهد المملكة مستقبلًا إطارًا تنظيميًا مرنًا يتماشى مع رؤية 2030.


الأسئلة الشائعة (FAQ)

هل البيتكوين معترف به قانونًا في السعودية؟
لا، لا يُعتبر عملة قانونية أو وسيلة دفع معتمدة.

هل يمكن مقاضاة شخص احتال عليّ باستخدام البيتكوين؟
نعم، لكن ليس باعتباره عملة، بل عبر تطبيق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية أو غسل الأموال.

هل هناك بدائل رقمية قانونية؟
نعم، مثل المحافظ الرقمية المرخصة والريال الرقمي المستقبلي.

ما العقوبة في حال استخدام البيتكوين لغسل الأموال؟
وفق نظام مكافحة غسل الأموال، قد تصل العقوبة إلى السجن عشر سنوات وغرامة تصل إلى 5 ملايين ريال.

سادسًا: البيتكوين ورؤية السعودية 2030 ودور الفنتك

رؤية السعودية 2030 ركّزت بشكل كبير على التحول الرقمي وتعزيز مكانة المملكة كمركز مالي إقليمي، ومن أبرز محاورها:

  • برنامج تطوير القطاع المالي الذي يهدف إلى بناء سوق مالية متقدمة.

  • دعم التقنيات المالية (FinTech): من خلال "مبادرة فنتك السعودية" التي أطلقها البنك المركزي وهيئة السوق المالية عام 2018.

  • تعزيز الشمول المالي: عبر التوسع في المحافظ الرقمية، والمدفوعات الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية.

تأثير ذلك على سياسات البيتكوين:

  • رغم أن الأنظمة السعودية تحظر التعامل بالبيتكوين، إلا أن التوجه نحو الفنتك يعكس استعدادًا لدراسة الأدوات المالية الرقمية.

  • يُتوقع أن يكون الريال الرقمي الذي يعمل البنك المركزي على دراسته خطوة استراتيجية لمنافسة العملات المشفرة بعملة وطنية آمنة ومرخصة.

  • التوازن بين الابتكار والمخاطر: رؤية 2030 تهدف للاستفادة من تقنيات البلوكتشين (Blockchain) دون المخاطرة بالاستقرار النقدي.

قراءة مستقبلية:

  • قد لا يتم تقنين البيتكوين في السعودية قريبًا، لكن قد نشهد:

    • لوائح أكثر وضوحًا حول الأصول المشفرة.

    • تنظيم تداول "الرموز الرقمية" المرتبطة بمشاريع استثمارية حقيقية.

    • إطلاق عملات رقمية رسمية (CBDC) تشرف عليها ساما.


خلاصة

التعامل بالبيتكوين في السعودية محظور وغير معترف به قانونيًا، وذلك استنادًا إلى عدة أنظمة سعودية تهدف إلى حماية الاقتصاد والمستثمرين، مثل نظام البنك المركزي، نظام السوق المالية، نظام مكافحة غسل الأموال، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية. ومع ذلك، فإن رؤية 2030 تفتح الباب لتطورات مستقبلية في مجال التقنيات المالية، مما قد يؤدي إلى صياغة أطر تنظيمية جديدة تتماشى مع التطور العالمي، ولكن مع الحفاظ على استقرار النظام المالي السعودي.

الأسئلة الشائعة (FAQ)

1. هل البيتكوين معترف به قانونيًا في السعودية؟
لا، البيتكوين لا يُعترف به كعملة أو وسيلة دفع رسمية في السعودية، والريال السعودي هو العملة الوحيدة المعتمدة بموجب المادة (3) من نظام البنك المركزي السعودي.

2. ما موقف هيئة السوق المالية من البيتكوين؟
هيئة السوق المالية حذّرت من التعامل بالبيتكوين لأنه لا يندرج ضمن الأدوات المالية المنظمة بموجب المادة (2) من نظام السوق المالية، وبالتالي فهو استثمار عالي المخاطر وغير خاضع للحماية النظامية.

3. هل يمكن معاقبة من يتعامل بالبيتكوين في السعودية؟
نعم، في حال كان التعامل مرتبطًا بجرائم مثل غسل الأموال أو الاحتيال، قد تطبق العقوبات المنصوص عليها في نظام مكافحة غسل الأموالونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، والتي قد تصل إلى السجن والغرامات المالية.

4. ما هي المخاطر النظامية المرتبطة بالاستثمار في البيتكوين؟

    • عدم وجود جهة رسمية تحمي المستثمر.

    • صعوبة إثبات الملكية أو التعاملات أمام القضاء.

    • احتمالية وقوع المستثمر تحت طائلة أنظمة غسل الأموال.

5. هل هناك بدائل قانونية عن البيتكوين في السعودية؟
نعم، مثل:

    • المحافظ الرقمية المرخصة من البنك المركزي (Apple Pay, STC Pay).

    • التداول في الأوراق المالية عبر السوق المالية السعودية (تداول).

    • الريال الرقمي الذي يجري العمل عليه كعملة رقمية رسمية معتمدة.

6. كيف تتعامل السعودية مع العملات الرقمية ضمن رؤية 2030؟
تسعى المملكة عبر "مبادرة فنتك السعودية" إلى تطوير تقنيات مالية آمنة ومرخصة، مع دراسة إطلاق الريال الرقمي كبديل قانوني، مما يوازن بين الابتكار والاستقرار المالي.

7. هل يمكن رفع دعوى ضد شخص احتال عليّ باستخدام البيتكوين؟
يمكن رفع دعوى وفق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية باعتبارها جريمة احتيال أو استيلاء على مال، لكن ليس باعتبار البيتكوين عملة معترف بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *