التشهير الإلكتروني: بين حرية التعبير وتشويه السمعة في منصات التواصل الاجتماعي.

التشهير الإلكتروني: بين حرية التعبير وتشويه السمعة في منصات التواصل الاجتماعي
يشهد العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم تطورًا متسارعًا في وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات النشر الإلكتروني، حيث أصبحت هذه الوسائل أداة مؤثرة في تشكيل الرأي العام والتعبير عن المواقف والآراء.
إلا أن بعض الأفراد يستغلون هذا الانفتاح بشكل مسيء، فيحوّلونه من مساحة للتعبير إلى وسيلة للتشهير وتشويه السمعة، مما يترك أثرًا سلبيًا على حياة الآخرين الاجتماعية والمهنية.
ولهذا وضع المنظم السعودي ضوابط نظامية تحقق التوازن بين حرية التعبير وحماية السمعة، بما يضمن بيئة رقمية صحية وآمنة.
أولًا: تعريف التشهير الإلكتروني
يقصد بـ التشهير الإلكتروني أن ينشر شخص أو يشارك محتوى يسيء إلى شخص آخر أو جهة، بهدف الإضرار بسمعتهم أو مركزهم الاجتماعي. ويستخدم لذلك وسائل تقنية المعلومات مثل:
منصة إكس (Twitter سابقًا).
إنستغرام.
سناب شات.
المواقع الإلكترونية والمدونات.
ويتخذ التشهير الإلكتروني صورًا متعددة، مثل أن ينشر الشخص صورًا أو مقاطع خاصة دون إذن، أو يشارك معلومات كاذبة، أو يكتب تعليقات مهينة تستهدف شخصًا أو جهة معينة.
ثانيًا: الفرق بين حرية التعبير والتشهير
يملك كل فرد الحق في التعبير عن رأيه، لكن لا يحق له أن يستغل هذا الحق للإساءة إلى الآخرين.
النقد المشروع:
يناقش قضايا عامة أو سلوكيات محددة.
يلتزم بالاحترام ولا يتضمن قذفًا أو إساءة.
يحافظ على حدود اللباقة ولا يمس الحياة الخاصة.
التشهير المجرَّم:
يهدف إلى الإضرار وتشويه السمعة.
يمس الخصوصية وينشر الفضيحة بدلًا من الفائدة العامة.
يخرق الأنظمة القانونية والأخلاقية.
ثالثًا: موقف النظام السعودي من التشهير الإلكتروني
نصّت المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على مجموعة من الأفعال واعتبرتها جرائم رقمية، وفرضت عليها عقوبات تصل إلى:
السجن مدة لا تزيد على سنة.
أو غرامة مالية لا تتجاوز 500 ألف ريال.
أو العقوبتين معًا.
وجاءت الفقرة الخامسة لتجرّم بشكل واضح فعل التشهير الإلكتروني بالنص التالي:
“التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة.”
وتطبّق الجهات المختصة هذه المادة في حالات عديدة، منها:
نشر محتوى مسيء بقصد التشهير.
كشف معلومات شخصية دون إذن.
تداول صور أو مقاطع تُهين شخصًا بعينه.
رابعًا: هل يتحمّل من يُعيد النشر أو يعلّق مسؤولية قانونية؟
نعم. فكل من يعيد نشر المحتوى المسيء أو يعلّق عليه بطريقة مسيئة يتحمل المسؤولية القانونية، لأنه يساهم مباشرة في زيادة الضرر ويضاعف أثر الإساءة على الضحية.
خامسًا: التوازن بين حرية التعبير وحماية السمعة
يجب أن يمارس الأفراد حقهم في التعبير مع احترام كرامة الآخرين.
النقد المباح يركز على السلوك لا الأشخاص.
التجريح والتشهير يعتديان على السمعة ويستوجبان العقوبة.
سادسًا: توصيات للوقاية من التشهير الإلكتروني
الإبلاغ: على المتضرر أن يتوجه للشرطة أو عبر المنصات الرسمية لتقديم بلاغ.
التوعية القانونية: يجب على الأفراد معرفة حقوقهم الرقمية.
الاستخدام المسؤول: على كل مستخدم أن يفكر قبل النشر أو إعادة التغريد.
التربية الرقمية: على الأسر تعليم الأبناء احترام خصوصية الآخرين والامتناع عن تداول المحتوى المسيء.
ختامًا
لم يعد الناس يتعاملون مع التشهير الإلكتروني كمجرد رأي أو مزحة؛ بل أصبح جريمة معلوماتية واضحة يعاقب عليها القانون.
وبينما نتمسك بحرية التعبير كقيمة حضارية، علينا جميعًا أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه حماية الآخرين وصون سمعتهم، وفي حال تعرضت لأي إساءة رقمية، بادر مباشرة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الصحيحة، واستعن بمحامٍ مختص ليساعدك على متابعة الشكوى وتجنب التعقيدات.
بقلم #غيداء_العتيبي
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. ما هو التشهير الإلكتروني؟
هو نشر أو مشاركة محتوى مسيء عبر الإنترنت بهدف الإضرار بسمعة شخص أو جهة.
2. ما الفرق بين النقد المشروع والتشهير؟
النقد يناقش القضايا باحترام وموضوعية، بينما التشهير يقوم على الإساءة المتعمدة وتشويه السمعة.
3. ما عقوبة التشهير الإلكتروني في السعودية؟
السجن مدة لا تزيد على سنة، أو غرامة تصل إلى 500 ألف ريال، أو كلاهما معًا.
4. هل يعاقب من يعيد نشر محتوى مسيء؟
نعم، إعادة النشر أو إضافة تعليق مسيء تجعلك شريكًا في الجريمة الإلكترونية.
5. كيف يمكن الوقاية من التشهير الإلكتروني؟
من خلال الإبلاغ الرسمي، نشر الوعي القانوني، الاستخدام المسؤول، وتعليم الأبناء قيم الاحترام الرقمي.