قانون وسينما

الحضانة ومسقطاتها في القانون السعودي

الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، وبنجاحها ينجح المجتمع بأكمله فإن الإسلام يفرض أيضاً عدة حقوق يجب أن يلتزم بها جميع أفراد الأسرة

من المعلوم أن ديننا الحنيف يأمرنا ويحثنا على حفظ الحقوق والواجبات بين العباد ولعل من أهم هذه الحقوق ما يتعلق بالأطفال لإنهم أساس تكوين المجتمع، ومن أحكام الإسلام المتضمنة لهذه لحقوق أحكام الحضانة وما يترتب على انفصال الزوجين

لقد نظم نظام الأحوال الشخصية في السعودية مسألة حضانة الأطفال بعد وقوع الانفصال بين الأبوين بما يضمن للطفل حياة كريمة سوية

الدين الإسلامي يحثنا على حفظ الأنفس والحقوق لكل شرائح المجتمع ومن أهمها الأطفال لأن أساس التكوين ولبنة بناء المستقبل تكمن في إنشائهم تنشئة سليمه صحيحة ومن هذا المنطلق تأتي أهمية الحضانة

مفهوم الحضانة:

الحضانة في اللغة: مصدر الحاضن والحاضنة وهما الموكلان بالصبي يرفعانه

      لغةً: مأخوذة من “الحضن”، وتعني الضم والرعاية.

      اصطلاحاً: حفظ الطفل، ورعايته وتربيته، وحمايته من الأذى، والقيام بمصالحه

الحضانة هي حفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه وعلى الحاضن أن يقوم قدر المستطاع بكل الإجراءات اللازمة لحفظ المحضون وسلامته في جسمه ونفسة، والقيام بمصالحه في حالة غيبته النائب الشرعي، وفي حالة الضرورة إذا خيف ضياع المحضون

شروط الحضانة في النظام السعودي:

  1. الإسلام (لعدم ولاية غير المسلم على مسلم).
  2. العقل والبلوغ (لا حضانة لصغير أو مجنون).
  3. الأمانة والصلاح (لا حضانة لفاسق أو منحرف).
  4. الرشد (لحفظ مال المحضون).
  5. الحرية (لا حضانة للعبد).
  6. السلامة من الأمراض المعدية.
  7. إذا كان الحاضن رجلًا:
  • أن يكون محرمًا للمحضونة الأنثى.
  • وجود امرأة صالحة مقيمة معه لرعاية الطفل

حالات سقوط الحضانة في القانون السعودي:

من المعلوم أن هناك حالات تسقط بها الحضانة عن الحاضن أو المحضون وهذه الحالات يكون بعضها بسقوط شرط أو بوجود ضرورة تستدعي إسقاط الحضانة

بعد وقوع الانفصال من المتوقع أن تمنح الأم حاضنة أطفالها، شريطة أن تتوافر فيها شروط الحضانة التي وضعها النظام السعودي

حالات إسقاط الحضانة عن الأم في السعودية، تتمثل في الآتي:

– الإهمال البالغ الملحوظ ي رعاية الطفل والاهتمام بشئونه وتربيته.

– بلوغ الطفل: عندما يصل الطفل لسن معين حدده القانون سواء كان ذكرا او انثى بإمكانه أن يختار أبيه وهنا تسقط حضانة الأم وفق ما جاء به القانون السعودي.

– مرض الأم: مرض الأم أو مرورها بحالات نفسيه او صحيه مضطربة وغير مستقرة مما يمنعها عن تقديم الرعاية والاهتمام للأطفال، او انها أصيبت بأمراض معديه يمكن أن تودي بحياة الطفل مما يجعلها غير قادرة على ان ترعى طفلها وفي هذه الحالة لابد من وجود تقارير طبية يتم تقديمها للمحكمة كما تعرض الأم على لجنة طبية من أجل التأكد مرضها وعدم أهليتها

منع الطفل من رؤية الأب لأطفاله حضانة الأم تسقط بحال منعت الأب من رؤية الأبناء ثلاث مرات متتالية وقد تم تنبيهها من القاضي من أجل تنفيذ حكم المشاهدة ومع ذلك قد امتنعت دون وجود مسوغ شرعي ففي هذه الحالة يأمر القاضي بسقوط حضانتها.

  • زواج الأم: إن كان الأبناء بحضانة أمهم ورغبت بالزواج ثانية من رجل أخر ففي هذه الحالة تسقط حضانة الأم لتنتقل للاب مباشرة
  • عدم مطالبة الأم بالحضانة في حال كان الأطفال بعهدة ابيهم وقد مرت سنة كاملة دون أن تطالب الأم بحضانة أولادها فهنا نكون أمام حالة من حالات سقوط حضانتها إلا إن تقدمت بعذر شرعي للمحكمة بحيث يقبله قاضي الموضوع
  • سفر الأم لأن سفر مع الأولاد يمنع الأب من رؤية الأبناء لمدة طويلة

 

حالات سقوط الحضانة عن الأب في القانون السعودي:

  • عدم قدرة الولي على تربية المحتضن: أن يكون حسن السمعة وغير محكوم علية بأية جناية. عندما يفقد الأب عقلة. أولا يكون مؤهلا لتربية ابنه بشكل صحيح أو يصبح شخصا فاسداً ويؤثر على المحضون يفقد حضانته تماما
  • التزام الصمت لمدة سنة دون سبب وجية: عندما لا يطلب حق الحضانة فهذا يعني أنه لا يعتقد أنه يستطيع توفير بيئة امنه ومستقرة لابنته. ستمنح المحكمة حق الحضانة للأم

مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة ذات العلاقة، يسقط الحق في الحضانة في الحالات الآتية: كما ذكر في المادة 128 من نظام الأحوال الشخصية إذا سكت مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة تزيد على (سنة) من غير عذر؛ ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك

 

شروط الحضانة

(إذا كان الحاضن رجلاً):

  1. أن يكون ذا رحم محرم للمحضون (إن كان أنثى).
  2. أن يكون صالحًا للحضانة (يحفظ المحضون ويراعيه).
  3. لا حضانة للرجال في حال وجود امرأة أصلح كالأم أو الخالة.

إذا كانت الحاضنة متزوجة:

  • تسقط الحضانة إلا في حالات استثنائية:
  1. إذا رضي والد الطفل ببقاء الأطفال عند الأم.
  2. إذا لم يتمكن الأب من الحضانة (مرض أو عدم صلاحية).
  3. إذا وافق الزوج الجديد على حضانة الأطفال وبقيت المصلحة لهم معها

 

حكم زواج الأم الحاضنة من أجنبي عن المحضون:

 

القول الأول (سقوط الحضانة مطلقاً):

  • رأي الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
  • استندوا لحديث: “أنت أحق به ما لم تنكحي”.
  • إذا تزوجت الأم سقط حقها في الحضانة، لأن الزوج الجديد قد يمنعها من التفرغ.

القول الثاني (لا تسقط الحضانة مطلقًا):

  • قول الحسن البصري وابن حزم وغيرهم.
  • استندوا إلى أن الحديث ضعيف، والآية لم تفرق بين حال الزواج وعدمه.
  • الأم لا تسقط عنها الحضانة ما دامت كفؤة، ولو تزوجت بأجنبي.

 القول الثالث (تفصيل بحسب المصلحة):

  • وهو الراجح، وتأخذ به الأنظمة الحديثة مثل نظام الأحوال الشخصية السعودي.
  • الحضانة لا تسقط تلقائيًا، بل تُراعى مصلحة المحضون:
  • إذا كان زواجها يؤثر سلبًا على الطفل، تُسقط الحضانة.
  • وإذا لم يتأثر الطفل، تبقى الحضانة لها

 

مسائل الاتفاق بين العلماء حول الحضانة:

  1. النساء أولى بالحضانة من الرجال: لأنهن أقدر على التربية والرفق والشفقة والصبر.
  2. انتقال الحضانة للأب إذا لم يوجد من النساء من هو أهل لها.
  3. تقديم مصلحة المحضون شرط أساسي ويُعمل بها في القضاء السعودي.
  4. لا حضانة لمن لا يُحسنها أو يضر بالمحضون، حتى لو كان مستحقًا لها شرعًا.
  5. سقوط الحضانة عن الأم إذا ثبت ضررها على الطفل أو تخلت عنه.
  6. تقديم الأصلح من الأبوين أو غيرهما في حال النزاع، ولو كان رجلًا.
  7. حق المحضون في اختيار الحاضن يُراعى إذا بلغ سنًا يُميز فيها الأصلح له.
  8. للقاضي حق تسليم الطفل لمن يراه أصلح له، سواء من الرجال أو النساء، ولو خالف الترتيب الفقهي المعتاد.
  9. إذا بلغ المحضون سن التمييز يُخير بين أبويه عند القاضي

خاتمة:

يتضح من استقراء النصوص الشرعية والتنظيمية أن الحضانة حقٌ شرعي وواجبٌ إنساني، تُبنى على مبدأ تحقيق مصلحة المحضون أولاً وأخيراً. وقد بيّن النظام السعودي بوضوح مسقطات الحضانة، مع ترك مساحة تقديرية للقاضي في حال تعارض الأدلة أو تغير الظروف، بما يحقق مصلحة الطفل ويحفظ كرامته وحقوقه. وإذ تختلف أسباب السقوط بين زواج الحاضنة، أو الإخلال بالشروط، أو انعدام الأهلية، فإن الأصل أن تبقى الحضانة بيد من يُؤمن له الحفظ والرعاية، دون النظر للجنس أو درجة القرابة ما لم تتحقق المصلحة. ولا شك أن هذا التوازن بين النص والمصلحة يُجسد روح العدالة التي يقوم عليها النظام القضائي السعودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *