تُعد محكمة الأحوال الشخصية بمكة المكرمة واحدة من أهم المحاكم المتخصصة في المنظومة العدلية السعودية. ويرجع ذلك إلى ارتباطها المباشر باستقرار الأسرة وتنظيم حقوق أطرافها. ويبرز دور المحكمة من خلال طلبات متنوعة تعتمد على وقائع أسرية تحتاج إلى توثيق أو إثبات أو معالجة قضائية.

أولاً: قراءة تحليلية في طبيعة عمل المحكمة واختصاصاتها

تتعامل محكمة الأحوال الشخصية مع عدة حالات مترابطة من الناحية القانونية. وتعتمد كل حالة على واقعة أسرية تحتاج إلى وثيقة عدلية واضحة. ويتردد المستفيدون على المحكمة أو على المنصات العدلية المرتبطة بها بحسب وضعهم النظامي.

١- طلب إثبات طلاق

يستخدم المستفيد هذا الطلب عندما يقع الطلاق فعليًا بين الزوجين دون تسجيله رسميًا. فيتوجه أحد الطرفين إلى الجهات القضائية لتوثيق تاريخ الطلاق وربطه بالمنصات الحكومية، ومن ثم ترتُّب الحقوق والآثار النظامية عليه.

2- توثيق الطلاق وإصدار صك طلاق

يُقدَّم هذا الطلب عند تسجيل واقعة طلاق جديدة لم يسبق توثيقها. ويتم ذلك عبر منصة ناجز، ثم يصدر صك الطلاق باعتباره المستند الشرعي والقانوني الذي يثبت انتهاء العلاقة الزوجية ويُستخدم لاحقًا في جميع الإجراءات.

3- دعوى خلع

ترفع الزوجة دعوى خلع عندما ترغب في إنهاء العلاقة الزوجية بحكم قضائي. ويحتاج الطلب إلى نظر قضائي للتأكد من تحقق شروط الخلع. وبعد صدور الحكم، يحصل الطرف المعني على صك خلع بوصفه السند النظامي الذي يثبت إنهاء العلاقة بطريق الخلع.

٤- دعوى فسخ النكاح

يُعد فسخ النكاح خيارًا قضائيًا يلجأ إليه المستفيد في حال وجود أسباب شرعية أو نظامية تمنع استمرار الزواج. ولا يصدر هذا القرار من أحد الزوجين مباشرة، بل من المحكمة بعد التحقق من موجبات الفسخ. وتشمل أسباب الفسخ الضرر أو الغياب أو تعذر المعاشرة أو وجود عيب شرعي. وبعد صدور الحكم، يحصل المستفيد على صك فسخ النكاح الذي يترتب عليه تحديث الحالة الاجتماعية.

طلبات مكملة تتعلق بالالتزامات الأسرية

تتعامل المحكمة مع طلبات أخرى مثل صك الإعالة الذي يُستخدم لإثبات المسؤولية المالية. ويحتاج إليه أفراد كثيرون لإتمام معاملاتهم لدى عدة جهات. ورغم اختلاف أهداف هذه الصكوك، إلا أنها تُعد وثائق قانونية يبنى عليها الكثير من الآثار المهمة في حياة المستفيد.

ومع كثرة هذه الطلبات، أصبح حفظ الوثائق العدلية أمرًا أساسيًا لدى المستفيدين، خاصة مع اعتماد الأنظمة على المتابعة الرقمية عبر المنصات الإلكترونية.

كما ساهمت الأنظمة المستحدثة — ومن أهمها نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد و مشروع نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد — في تنظيم هذه الطلبات وتوضيح إجراءاتها.

ثانياً: إرشادات عملية للتعامل مع المحكمة وخدماتها

ورغم وضوح الأنظمة العدلية اليوم، إلا أن نجاح المعاملة يعتمد على دقة المستفيد في عرض طلبه وتقديم مستنداته بشكل صحيح. وفيما يلي أهم الإرشادات:

1- تحديد نوع الطلب بدقة

يحتاج المستفيد إلى تحديد نوع الطلب بوضوح — مثل إثبات طلاق أو توثيق الطلاق أو دعوى خلع — لأن اختيار النوع الصحيح يحدد الإجراء والنتيجة القانونية.

2- توفير المستندات الأساسية

وجود المستندات العدلية مثل صك طلاق أو صك إعالة أو ما يثبت الواقعة محل الطلب يساعد المحكمة على إصدار قرار واضح وسريع.

3- الالتزام بالمواعيد والجلسات

حضور الجلسات وتقديم الردود في وقتها يُسهم في تسريع البت في الطلبات.

4- الاستعانة بمحام متخصص

بعض القضايا تحتاج معرفة قانونية دقيقة. والاستعانة بمحامٍ يساعد على تجنب الأخطاء الإجرائية وضمان تقديم الطلب بالشكل الصحيح.

محكمة الأحوال الشخصية ليست جهة لفصل النزاعات فقط، بل مؤسسة عدلية تنظم الروابط الأسرية وتُرسخ استقرارها. ويساعد فهم اختصاصاتها ومستنداتها المستفيد على التعامل مع الأنظمة العدلية بثقة سواء من خلال المحكمة مباشرة أو عن طريق الخدمات الإلكترونية الحديثة.

بقلم المحامية/ ساره الغامدي